Tuesday 14, May 2024

"هل نتبنّى ولداً؟"

رُلى: 42 عاماً، مدرِّسة

"ما كنت لأحبّهم أكثر حتّى ولو أنجبتهم بنفسي"

"أدركتُ بأنّني أصبحت أمّاً حالما أودِعَ بسّام بين يديّ ولم أتساءل قطّ إن كنت سأحبّه أم لا. حالما انتهى حداديعلى عدم قدرتي بإنجاب الأولاد البيولوجيين وبل اقتنعت بذلك تماماً، أيقنتُ أنَّ التبنّي هو الدرب الذي يجب عليّ أن أسلكه في الحياة. حصل الأمر ذاته مع ابنتي بالتبنّي بَسمَة. أمّا بالنسبة إلى ابني يوسف الذي تبنّيته عن عمر الأربع سنوات ونصف السنة، فقصّته معقّدة قليلاً لأنّه لم يكن ليتكلّم لغتنا حين ذهبنا إلى الميتم لإحضاره. إلاّ أنَّ المسؤولين هناك كانوا قد حضّروه نفسياً لمقابلتنا وخرجنا يومذاك من الميتم يداً بيد. أشعر بشيء من النعمة الإلهيّة، كون هؤلاء الأولاد أصبحوا أولادي في لحظة. أكنّ لهم حبّاً غير مشروط وأبني أمومتي على نحو يوميّ، فأنا اؤمّن قوتهم، أداويهم إن سقموا، وأواسيهم إن حزنوا، كما واتولّى تدريسهم، فتوبيخهم بلطف حتّى، إن أخطأوا... وإنّما، قد يحدث أن تقول لي ابنتي حين تغضب منّي: "لستِ أمّي" أو ابني: "حبّذا لو يمكنني العودة من حيث أتيت" فأجيبهما: "أعرف بأنّني لست والدتكم لكنّكم وبدون شكّ أولادي". صحيح أنّني تبنّيتهم عن سنّ باكرة، إلاّ أنّ جرح كونهم أطفالاً بالتبنّي، ما زال متجذّراً داخلهم وإن رغبوا في يوم من الأيام، بالتعرّف إلى والدتهم الحقيقيّة فسأرافقهم لأشكرها عليهم..."

جانيت، 60 عاماً، ربّة منزل

"وإنّما ابنتي بدورها لم تتبنَّ امّها الجديدة"

"مضى 15 عاماً على تبنّينا جوانّا الطفلة الكولومبيّة البالغة من العمر ستّ سنوات. كُتب على رحلتنا الفشل منذ بدايتها بما أنَّ جوانا لم تكن مستعدّة للقائنا ورفصت الذهاب معنا. عاشت فترة تبنّيها الأولى كما لو كانت مخطوفة إذ هربت من منزلنا بعد فترة وجيزة. وحين عثرنا عليها، كانت تبكي ليلاً نهاراً طالبةً العودة إلى أحضان أمّها. أحبّ الإشارة هنا إلى أنّ خدمات التبنّي لم تستجب لنداءاتنا الملحّة بالإغاثة. رفضت جوانّا أيّ تواصل معي إذ كانت تدفعني بعيداً عنها حين أقترب لتقبيلها بعد قراءة قصّة عليها. حتّى أنَّها لجأت أحياناً إلى العنف وذلك عبر تهديدي بسكّين ما لم أبتعد عنها! ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ بل رفضت الذهاب إلى المدرسة- ممّا فاقم الأمر- متذرّعةً بأنّني لست والدتها ولا يحقّ لي بإجبارها على فعل شيء. طفح الكيل أخيراً يوم احتجزتني؛ كنت مرهقةً بعد جلسة علاج كيميائيّ، وأدركت عندئذٍ أنّني في خطر. كانت جوانا قد بلغت آنذاك ال 13 سنة من العمر، ووجب علينا إيداعها في مصحّة للأحداث كتدبير احترازيّ. حاولتُ مرّات عدّة الذهاب لإحضارها لدى خروجها من المدرسة، لكنّها كانت ترفض مرافقتي رفضاً قاطعاً. فهمتُ في وقت لاحق بأنّها كانت تعاني من اضطرابات سلوكيّة. وعلمنا بأنّ والدتها الحقيقيّة تخلّت عنها وأساءت معاملتها ثمّ انتُشلت من موطنها الأصليّ عنوةً، الأمر الذي أدّى إلى بنائها حاجز رفض وكره بيننا ولم تترك لنا أيّ فرصة. لم أكن أمّها ولن أكون كذلك وقد خلّف ذلك في قلبي جرحاً أزلياً..."!

Top