Tuesday 14, May 2024

"هل نتبنّى ولداً؟"

رأي خبراء علم النفس

بما أنَّ التبنّي هو عمل إراديّ، فهو يحتاج إلى عناية وجهد ليثمر.. لذا تحديداً، يطرح اسئلة أساسيّة كثيرة. ما معنى أن تصبح المرأة أمّاً؟ ما الذي ستشعر به حين ترى ولدها للمرّة الأولى؟ هل يمكنها أن تؤمِّن له جوّاً او محيطاً يمكنه أن ينمو وينضج فيه ليبني لنفسه مستقبلاً مزدهراً؟ كيف تكون له خير أمٍّ؟ يقول علماء النفس في هذا المجال إنّ الأسئلة تبقى بدون إجابة، ما لم يصل الطفل الجديد بعد الى منزله بالتبنّي. ثمّة أمر هامّ يجب اتّخاذه بعين الاعتبار او أكثر: يخلو التبنّي من التواصل او التبادل الجسديّ الذي ينشأ بين الأمّ وطفلها البيولوجيّ، والذي يؤكّد ثبات روابط الأمومة. تحلم الأمّ بالطفل الذي ستتبنّاه لا بل تعتبره ولدها مسبقاً، من ثمَّ تراه يصلها كاملاً (لم تحمله جنيناً في احشائها) لا بل يحمل ماضٍ لا شأن لها به، سواء كان بسيطاً خالٍ من المشاكل أو معقّداً، هو يبقى بمثابة حياة سبقتها ولن تتمكّن من معرفتها على الأرجح. وإنّما، هذا لا يعني بأنّها لن تصبح أمّاً صالحة لأنَّ التغيّر النفسيّ حاضر أبداً.

تولد الأمومة بالفطرة وأبداً لا تُكتَسَب

هذا على الأقلّ رأي وفاء البالغة 42 سنة من العمر والتي تبنّت أمل البالغة من العمر سبع سنوات وهبى، خمس سنوات. تنشأ الأمومة ومشاعر الأمومة من خلال تجارب يوميّة لا بل التصرُّف بأمومة يتطلّب مساءلة شخصيّة دائمة. إنّها بمثابة تواصل مع الطفل الكامن في داخلنا او الذي كنّا عليه. تعيد هذه العمليّة تفعيل صلة الوصل بصورة الأهل والمبنية بحسب العواطف والانفعالات والمحفوظة داخل كلّ منّا. لا شكّ في أنّ التبنّي عمليّة متبادلة ويجب على الطرفين التأقلم معه. يقول علماء النفس في هذا المجال إنّ الإرغام لا يجوز على الإطلاق في التبنّي، بل يجب منح الطفل مساحة احترام للتمكّن من فهم حاجاته ووقع حياته وذلك بدون البحث عن استجابته توقّعاتنا المنتظرة. فبعض الأطفال لم يعتد أن يحضنه أحد وبعضهم الآخر قد يعاني من مشاكل أرق، خوف،... ولا تظنّوا بأنَّ الأطفال الرضّع لا تراودهم مشاعر التخلّي والفراق، بل على العكس! يجب منحهم الوقت الكافي للتأقلم. كما أنَّ الأمّ التي تتبنّى لا تختلف بشيء عن الأمّ البيولوجيّة التي تَلِد. تصرّ الأمّهات المتبنّيات بأنّهنّ لا يفرّقن بين أولادهم بالتبنّي وأولادهم البيولوجيين (إن كان لديهم من أولاد)، لجهة الحبّ والعنان. وامّا الأمّهات اللواتي لم يحظين بأولاد بيولوجيين، فليس بوسعهنَّ تصوّر حبِّ أكبر وأعظم من الذي يحملنه لأولادهنّ بالتبنّي.

لكن، يبقى السؤال الأهمّ: هل يبرز فشلهنّ امام أصغر المشاكل؟ يمكن لفترة المراهقة أن تكون شائكة. يبني الطفل المتبنّى هويّته بالنسبة إلى أربعة أشخاص: والدان بالتبنّي ووالدان بيولوجيان. عندئذٍ، يصبح التغيير البديهيّ والملازم عادةً لفترة المراهقة، أصعب، إذ يميل الولد الى الخلط بين الاستقلال الذاتي وبين فراق آخر (عن الأهل) يؤلمه. في ظلّ أزمة تحديد الهويّة هذه، قد يثور الولد على أمّه في هذه المرحلة قائلاً: "أنتِ لستِ والدتي الحقيقيّة؟" وهذا سؤال مبطّن ويعني: "ما الذي يجعل منك والدتي الحقيقيّة؟". للإجابة بعدل على أسئلة هؤلاء الأولاد، لا يجدر بالأهل بالتبنّي، أن يشكّكوا بموقعهم في حياة أولادهم، فكلّما فكّروا وتصرّفوا  كأهل شرعيين، أتت إجابتهم بسهولة أكبر، وأحسَّ ابنهم أنّه في المكان الصحيح.

Top